من هنا نبدأ... تأمل لحظة الرحيل... حين ينتهي حضورك وتبقى سيرتك

ما أسرع دوران الحياة، وما أقصر عمر الإنسان حين

 من هنا نبدأ... تأمل لحظة الرحيل... حين ينتهي حضورك وتبقى سيرتك
 من هنا نبدأ... تأمل لحظة الرحيل... حين ينتهي حضورك وتبقى سيرتك


✍️ بقلم د.م. مدحت يوسف
???? ١٦ أكتوبر ٢٠٢٥

???? ما أسرع دوران الحياة، وما أقصر عمر الإنسان حين نقيسه بحقائق الوجود. نعيش في زحامٍ لا يهدأ، نخطط ونركض ونحلم، وكأننا خالدون فيها إلى الأبد. ومع ذلك، هناك لحظة حتمية قادمة لا مهرب منها — لحظة الرحيل، اللحظة التي يتوقف فيها كل ما تملك، ويتحدث فيها فقط ما قدّمت.

???? إنها اللحظة التي يصمت فيها لسانك، ويتكلم فيها فعلك. حين يغيب جسدك، ويبقى أثرك. لن تُذكَر بما لبست أو امتلكت، بل بما زرعت في قلوب الناس من خير. كل ما جمعته سينتهي عند حدود القبر، لكن ما قدمته من حب وصدق ورحمة سيظل خالدًا في الذاكرة.

???? تخيّل – فقط للحظة – أن اسمك اليوم تصدّر صفحات التواصل الاجتماعي، وقد نُعيت بخبر وفاتك.
ماذا سيُكتب عنك؟
هل سيقول الناس: رحمه الله، كان طيب القلب، يعين المحتاجين، ويسامح الجميع؟
أم سيكتفون بعبارةٍ باردة لا روح فيها: إنا لله وإنا إليه راجعون، ويمضون؟
هل ستغمر صفحتك كلمات الدعاء والدموع الصادقة؟ أم سيمرّ الخبر كأي منشورٍ عابر؟
إنها لحظة صادقة لا مجاز فيها، تضعنا أمام أنفسنا وجهاً لوجه. فما يُكتب عنك بعد موتك، هو خلاصة ما كتبته أنت في حياة الآخرين.

???? تأمل كم من الأسماء تكررت أمامنا في النعي، وكيف تلاشى بعضها بعد أيام، بينما بقيت أخرى تُذكَر بالخير كلما مرّ ذكرها. السرّ ليس في الشهرة ولا في الثراء، بل في الأثر الطيب. من عاش لغيره، عاش بعد موته، ومن عاش لنفسه، مات حتى وهو حيّ.

???? كل إنسان يكتب سيرته بيده قبل أن يرحل. لا بالمال، ولا بالمناصب، بل بالصدق، والعطاء، والإخلاص. فالقلب الطيب يخلّد صاحبه، واللسان الصادق يُرفع ذكره، واليد التي تعين غيرها تظلّ حيّة في الذاكرة مهما غاب الجسد.

???? الحياة ليست سباقًا نحو المظاهر، بل امتحانًا للجوهر.
قد يكون فقيرًا لكن كريمًا، مجهولًا لكن مؤثرًا. الفارق ليس في ما نملك، بل في ما نمنح. فكم من إنسانٍ بسيطٍ ترك أثرًا عظيمًا، وكم من صاحب جاهٍ نُسي اسمه بعد موته بيومٍ واحد.

???? تخيّل المشهد من جديد: الناس يكتبون عنك، يودّعونك، يذكرون مواقفك. ستُغسل، وتُكفّن، ويُصلَّى عليك، ويحملك أحباؤك إلى مثواك الأخير. لكن بعد ذلك، ما الذي سيبقى؟ الدعاء أم النسيان؟ الرحمة أم اللامبالاة؟
أنت وحدك من يملك اليوم أن يقرر شكل هذا المشهد.

???? عش بوعي، وازرع أثرًا يبقى. كن صادقًا في قولك، محبًا في فعلك، نافعًا في وجودك. فالموت لا يُنهي الحياة، بل يكشف حقيقتها.
واجعل سيرتك بعد الرحيل مرآةً مشرقة تُقال عنها بصدق:
"رحمه الله... كان إنسانًا ترك أثرًا لا يُنسى."

خطى الوعي 
DrEng Medhat Youssef Moischool 
@topfans